حكمة هارون الرشيد
دهاء العرب
دخلت المرأة البرمكية على الخليفة هارون الرشيد وعنده جماعة من وجوه أصحابه فقالت له يا أمير المؤمنين أقر الله عينك وفرحك بما أتاك وأتم سعدك لقد حكمت فقسطت.
فقال لها الرشيد من تكونين أيتها المرأة
فقالت أنا من آل برمك ممن قټلت رجالهم وأخذت أموالهم وسلبت نوالهم.
فرد هارون الرشيد أما الرجال فقد مضى فيهم أمر الله ونفذ فيهم قدره وأما المال فمردود اليك.
فقالوا ما نراها قالت الا خيرا!
فقال الرشيد لأصحابه وقد كان معهود عنه البلاغة ما أظنكم فهمتم مقصدها فأما قولها أقر الله عينك أي ....صلي على رسول الله
أي أسكنها عن الحركة واذا سكنت العين عن الحركة عميت.
وأما قولها فرحك بما أتاك فأخذته من قوله تعالى حتى اذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة
اذا تم شيئا بدا نقصه
ترقب زوالا اذا قيل تم
وفي قولها لقد حكمت فقسطت فأخذته من قول الله تعالى وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا.
فتعجب أصحاب الخليفة العباسي هارون الرشيد من بلاغة المرأة البرمكية وعلم كلامها الغزير فلقد كانت تدعو عليه بدل الدعاء له من دون ان يلاحظ فقهاء القوم وأبلغهم.
فكم من بليغ بقي في هذا الزمان!
وكيف لنا ان نعلم أبناءنا البلاغةوالحنكة والفراسة
انها القراءة والتعلم ومجالسة أهل الحكمة والخبرة والصبر والتصبر.
لا تجادل الأحمق فقد يخطئ الناس في التفريق بينكما