الجمعة 27 ديسمبر 2024

رواية براثن اليزيد (كاملة حتى الفصل الأخير) بقلم ندي حسن

انت في الصفحة 8 من 64 صفحات

موقع أيام نيوز


حد كلمك أنت اتهبلتي 
ضحكت عاليا بعد أن استمعت لكلماته كما يقولون يضرب ثم يلوم أحقا لا يدري ماذا فعل
حد داسلي على طرف هو أنت مش عارف إني من يوم ما عرفتك وأنا مش عايشه حياتي أصلا جبتلي فستان وقولت عادي مش مهم مع أن مفيش فرح زي أنت وعمك ما قولتوا شوية ظيطه وظمبليطه علشان سمعتكم وسط الناس وبردو قولت عادي ولبست الفستان وأنت عملت ايه جايلي بقميص وبنطلون! كده

مقللتش مني في حد يعمل كده وأنا اللي قدرتك! طب بلاش دي أنا المفروض زي ما بيقولوا يعني عروسة تستقبلني في بيتك بالطريقة دي هي دي رجولة منك
قالت آخر كلماتها وهي تشير إلى الغرفة التي كانت تحتوي على الفراش الذي فرش بمفرش لونه أسود فقط ولا يتداخل به أي لون آخر وفي ظهر الفراش من الأعلى ورقة كتب عليها بخط اليد 
هو لم يرى كل ذلك إلا الآن يقسم أنه ليس من فعل ذلك ويعلم من فعلها ومن غيرها والدته ولكن ليس هو وهي معها كامل الحق فيما تقول ولكنه لم يفعل شيء كيف سيبرر ذلك الآن وكيف سيتحدث معها لا يعلم هل هو يشفق عليها أم! 
وقف أمامها ثم وضع يده في جيب بنطاله البيتي ومن ثم أخذ نفس عميق لينظر إليها من بعدها وتحدث بجدية شديدة
مش أنا اللي عملت كده عايزة تصدقي أو لا بس مش أنا اللي عملت كده وآه متسأليش مين علشان مش هقولك
أخذت خطوة إلى داخل الغرفة دون أن تتحدث بحرف بعد أن استمعت له وكأنها طردت الأمر من رأسها ثم أمسكت بمقبض الباب لتغلقه عليها ولكنه أعاق غلقها للباب ووقف متسائلا باستغراب مضيقا ما بين حاجبيه
بتعملي ايه
زفرت بحدة ثم أجابته متهكمة
هغير ولا تحب أنام كده
دفع الباب بيده وتقدم منها وعلى محياه ابتسامة لعوب ترجمتها سريعا 
تحبي أساعدك
أبعد لو سمحت ماينفعش كده
دق باب الغرفة عندما وجدها قد أخذت ما يقارب الساعة لتبديل ثيابها فتحت الباب منزعجة من حضوره إليها وقد لاحظ ذلك على ملامحها الصاړخة بالانزعاج ليهتف وهو يتقدم إلى الداخل
كل ده بتعملي ايه مش في واحد عايز ينام
استدارت إليه غاضبة من دخوله الغرفة وحديثه البارد مثله لتقول بتهكم
وأنا مالي ما تنام
جلس على الفراش ثم تمدد
وأجابها قائلا ببرود وهو يراها تشتعل أمامه
إزاي وأنت قافلة الباب
أنت بتعمل ايه
ابتسم بهدوء وهو يراها تتقدم منه بعصبية ليهتف ببرود وسخرية
هنام يا مروتي
تغاضت هي عن مناداته لها بهذا الإسم وقفت أمامه تهتف بحدة قائلة
اومال أنا هنام فين يلا أطلع نام بره
نظر إليها بمكر وتلك النظرة اللعوب والابتسامة الخبيثة ترتسم على محياه 
طب أبعد خليني أعرف أنام
ابتسم الآخر بمكر وعاد إلى مكانه بالفراش ينام عليه بظهره واضعا يديه أسفل رأسه ونظر إليها وجدها تنام بأخر ركن به تدير إليه ظهرها وهي تتمتم بكلمات لا يعلم ماهيتها ليبتسم مرة أخرى ولكن كانت ابتسامة حقيقية هذه المرة 
بس هو انتوا إزاي جيتوا هنا يعني أنا مش فاهمه مش بتقولي كنتوا في الصعيد تقريبا
تلك الكلمات قالتها مروة متسائلة باستغراب وهي تجلس مع يسرى التي استشعرت مدى طيبتها 
أيوه وحتى جدك بصي ياستي اللي أنا أعرفه إن هما كانوا عايشين في نواحي الصعيد حتى تلاقي ماما وعمي وفاروق لهجتهم مختلفة شويه مش كتير بردو لأن إحنا هنا من زمان جدي وجدك كانوا شركا جم هنا وكل واحد أخد بيت لعيلته وكان بابا معاه وعمي سابت وبعدين كبروا في الشغل وفجأة سمعنا أن جدي أفلس إحنا منعرفش السبب ولا ايه اللي حصل بس عمي سابت قال إن جدك آسفة يعني ڼصب عليه وبعدين جدي ماټ وبعديها بكام شهر بابا ماټ كل ده طبعا أنا مفتكرش منه حاجه لأني كنت صغيرة بس سمعت الكلام ده أكتر من مرة
نظرت أمامها في الفراغ المتواجد حولها من الأراضي الخضراء وهي لا تصدق ما استمعت له هي لم تستمع إلى هذه القصة من
قبل هل من الممكن أن يفعل جدها هذا لقد ماټ شخصين بسببه لا مستحيل فهو كان طيب حنون رجل وقور عادل مؤكد لم يفعل ذلك هناك خطأ هي حتى لا تتذكر جيدا 
خرجت من شرودها على صوت شقيقة زوجها المتسائلة باستغراب
ايه يا بنتي روحتي فين
ابتسمت بود ثم اجابتها وهي تعتدل في جلستها لتواجهها من جديد
هنا هو يزيد بيشتغل ايه وفاروق أنا هنا بقالي أسبوعين ومش شايفه حد فيهم بيشتغل خالص
جلست يسرى القرفصاء ثم تحدثت بحماس قائلة
لأ إزاي بيشتغلوا طبعا شغلهم كله في الخشب فاروق أخويا وعمي ليهم هنا مغلق داخل نواحي البلد وكده أما يزيد ماسك المصنع اللي في القاهرة ودايما قاعد هناك
استغربت لسماعها لتلك الكلمات البسيطة التي لأول مرة تعلمها عن زوجها وقد جال بخاطرها فكرة ما فسألتها قائلة بجدية
بجد أنا أول مرة أعرف كل ده ظروف جوازنا كانت صعبة أنت أكيد عارفه بس هو معقول بيروح ويجي ده سفر من هنا للقاهرة
ابتسمت يسرى بحزن هادئ ملائم للموقف وللحديث الذي قالته زوجة أخيها
عارفة للأسف بس إن شاء الله كل شيء يتحل بس يزيد أصلا ليه بيت هناك أقصد إن حياته هناك أصلا وبيجي هنا إجازات بس
ابتسمت مروة باتساع وكأنها كانت ټغرق ووجدت وسيلة النجاة التي ستأخذها للشاطئ مما جعل يسرى تندهش لابتسامتها تلك ولكنها لم تكن تعلم ما الذي يدور بخلدها 
صدعتك برغي يا يسرى صح
ابتسمت يسرى ثم هتفت قائلة بحماس وهي تعتدل على مقعدها
بالعكس ده أنا كنت خلاص هطق والله يا مروة أنا أغلب الوقت لوحدي الكميا بيني وبين إيمان بايظه خالص ولا حتى ماما ومن يوم ما خلصت كلية وأنا زي ما أنا كده لحد ما أنت جيتي بقى
سألتها مروة مرة أخرى باستغراب
ليه محاولتيش تكوني صاحبة إيمان مثلا
زفرت يسرى بضيق شديد قد ظهر على تعابيرها ثم اجابتها قائلة بجدية
بصي صحيح إيمان من هنا يعني أقصد فاروق خطبها من هنا مش من الصعيد الجواني ولا حاجه بس دماغها قفل أوي وزي ماما كده ساعات بحس أنها بتاكل بعقل فاروق حلاوة بجد خبيثة أوي وعمري ما ارتحت معاها من يوم ما خلصت تجارة وأنا قاعدة زي ما أنت شايفه
صمتت لبرهة ومن ثم تحدثت قائلة
طب عارفة لما جيت أدخل كلية التجارة وقفت لفاروق وقالتله جوزها بلا علام بلا بتاع وقعدت تقول الست ملهاش غير جوزها وماما وافقتها وحتى عمي سابت بس يزيد وقف معايا وخلاني أكمل تعليم ڠصب عن
الكل أنا ويزيد مش زي الباقي خالص
اومأت لها مروة برأسها ثم قالت بخفوت وهي تقترب منها برأسها بحركة مضحكة لتفعل الأخرى المثل
أنا كمان بحسها مش سالكة وبصراحة وقفالي زي اللقمة في الزور وبتعمل معايا حركات بايخة تتصنف بيها حرباية
ارتفعت ضحكات يسرى بعد حركات مروة العفوية وهي تتحدث وتصف إيمان زوجة أخيها ولكنها صمتت عندما تحدثت مروة مرة أخرى سائلة إياها بجدية بعد طرأ السؤال عقلها لتعلم الإجابة الصحيحة منها دون كڈب من شخص آخر
بس هو ليه بعد خمس سنين فتحتوا موضوع التار يا يسرى وبعدين أصلا ابن عمي اتحاكم ومشي وكان من غير قصده ليه عملوا كده
صمتت يسرى قليلا ثم نظرت إليها بجدية وتحدثت بعد أن تنهدت بهدوء
إحنا مكناش نعرف حاجه يا مروة ولا حتى يزيد يزيد اعترض وحصل خناق وسمعنا صوته وهو بيقول إنك ملكيش ذنب في حاجه زي دي بس عمي
سابت وماما وفاروق كلموه وبعدين غير رأيه ووافق
صمتت يسرى عن الحديث عندما وجدت إيمان تخرج من باب المنزل مقبلة عليهم في الحديقة تبتسم ببرود 
اقتربت منهم ثم وقفت أمامهم متحدثة بضجر
ايه هتفضلوا قاعدين هنا طول النهار قوموا ساعدونا يزيد عازم ضيوف عنده النهاردة
نظرت إليها مروة باستغراب فهو لم يقل إليها شيء كهذا غبية ولماذا سيقول لها هو يتعامل معها كما لو أنها ليست موجودة من الأساس ابتسمت إيمان باستفزاز عندما رأت تعابير وجه مروة هكذا لتسألها بتهكم
هو يزيد مقالكيش
أجابتها وقد أحمرت وجنتيها من الخجل
لأ ممكن يكون نسي
ابتسمت إيمان بسخرية لاذعة ثم تحدثت بتهكم وهي تتجه للداخل مرة أخرى
نسي آه طب يلا يا ماما أنت وهي تعالوا ساعدوا
وقفت مروة و يسرى مثلها يسيرون للداخل فتحدثت يسرى إليها بجدية
متبقيش هبلة وضعيفة معاها ولا تكشفي ورقك ليها لتفكرك بتخدمي عندها وتستغل طيبتك
نظرت إليها مروة نظرة ممتنة فهي حقا في تلك الأيام كانت ونعم الصديق لها في ذلك المنزل البغيض 
لقد طفح الكيل حقا من هذه المرأة وزوجة ابنها هي لا تكف عن ازعاجها تستغل كل فرصة ولو كانت حتى من اللاشيء لتحزن قلبها تتذكر منذ أن دلفت هذا المنزل وهي تعاملها باحترام ولم تغلط معها ولو بحرف صغير ولكنها تفعل العكس تماما لا تناديها إلا بابنة عائلة طوبار وهل هذا شيء مشين! أنها غريبة الأطوار حقا لقد تفاوتت المرات السابقة ولم تتحدث ازعجتها كثيرا تساندها
إيمان تلك البغيضة مثل حماتها تكاد تجن من أسلوبهم وتلك الطريقة الرخيصة التي يتبعونها لو لم تكن يسرى معها وتحاول الدفاع عنها بكل الطرق وتحاول التهوين عليها لما بقيت هنا معهم 
استدارت والدة زوجها نجية إليها لتنظر إليها پحقد وكراهية ومن ثم هتفت قائلة بتهكم
هاتي الخضار اللي هناك ده يابت عيلة طوبار
تركت مروة السکين من يدها والذي كان تقطع به قطع اللحم لتتجه إلى الطاولة التي بالمطبخ موضوع عليها طبق الخضار الكبير أخذته واتجهت إليها وهي تعد بداخلها من واحد إلى عشرة حتى تهدأ ولا تثور على هذه المرأة العجوز تعثرت في طريقها بسبب حبة من البصل واقعة على الأرضية ولم تراها ليقع منها الطبق محطم وتناثرت محتوياته على الأرضية وقد جاهدت حتى لا تفقد توازنها ونجحت في ذلك 
شهقت يسرى بفزع واتجهت إليها على الفور مسانده إياها ثم هتفت قائلة بقلق واهتمام
أنت كويسه حصلك حاجه
لم تستطع مروة أن تجيبها حيث أن والدتها قد تحدثت بحدة وعصبية لا مبرر لهما فقد كان من الممكن تفاوت الأمر
مهي قدامك أهي كيف القرد تمام محصلهاش حاجه كسرت الصحن ووقعت الخضار على الأرض هو ده اللي عملته بت طوبار عيله جايه من عيلة غم بصحيح
وقفت مروة مدهوشة من حديثها الفظ بدلا من أن تتسائل إن كان حدث لها شيء سألت نفسها لماذا وافقت على هذا العڈاب ما ذنبها لتتحمل كل هذه الإهانة من سيدة مثلها تربيتها لا تسمح لها أن تعاملها بالمثل ولكن أن اضطرت ستفعل هي لا تحتمل بكل الأوضاع 
لم تتحدث معها بل انحنت
 

انت في الصفحة 8 من 64 صفحات