رواية براثن اليزيد (كاملة حتى الفصل الأخير) بقلم ندي حسن
على الأرضية تلملم ما تناثر عليها وتساعدها شقيقة زوجها بينما وقفت إيمان ووالدة زوجها بعيد نسبيا ابتسمت إيمان بوجهها ثم تحدثت قائلة بحماس
والله براوة عليك يا
مرات عمي البصلة اللي وقعتيها كانت هتجيب أجلها
ابتسمت نجية وقد ظهرت تجاعيد وجهها وهي تقول والحقد يملئ قلبها
ولسه لسه مشافتش حاجه بت عيلة الڼصابين
تريثت قليلا ثم هتفت ببرود وسخرية بذات الوقت وهي تنظر إليها عندما كانت تجمع ما وقع على الأرضية
وقع ما كان بيدها ليستقر على الأرضية مجددا وقفت على قدميها وتركت كل شيء وهي تنظر إليها پصدمة فقد كانت كلماتها واضحة كوضوح الشمس ترقرقت الدموع بعينيها ومن ثم تسلقوا جفنيها ليسيروا
على بشرتها الناعمة نظرت إليها وهي تبكي قهرا على ما تفعله بها وعلى هذا الحديث الچارح فهي تتحدث عن والدتها وعن تربيتها التي لو لم تكن موجودة لما تركتها تفعل ما يحلو لها ولكن يكفي حقا
اسمعي ياست أنت أنا من يوم ما جيت هنا وأنا سيباكي تعملي اللي عايزاه براحتك ومعترضتش لكن عند أمي وتقفي دي مېته عند ربنا مش معانا هنا وأنا مش هسمحلك تغلطي فيها
تركتها وذهبت سريعا لتخرج من هذا المكان الذي ضاق فيه صدرها لينطبق على قلبها وكأنها ستلقى حتفها به كلماتها لم تكن هينة أبدا فقد ذكرتها بوالدتها الرحلة والتي لم تحظى بالوقت معها
وتذكرت خيبتها
نظر إليها باستغراب وهو يراها تبكي وعيونها منتفخة تبكي وتنتحب أمامه ولا يدري لما بكائها هكذا يقطع أنياط قلبه إلى أشلاء رؤيتها هكذا كما لو أن هناك نصل حاد يأتي بقلبه نصفين حاولت أن تذهب ولكنه أمسك بيدها متسائلا باستغراب وقلق جلي
نظرت إليه بحزن خالص ونظرة عتاب لم يراها منها من قبل وكأنها تلومه على كل شيء ومن ثم سحبت يدها وصعدت على الدرج دون أن تتحدث أو تجيبه على سؤاله فقد زاد بكائها الذي جعله يندهش ويتسائل ما الذي حدث لكل ذلك ولكن هو الآن يعلم أن ضعفه يكمن في بكائها كلما رأها تبكي شعر بضعف وعجز شديد لم يشعر به في حياته
براثن اليزيد
الفصل السادس
ندا حسن
رؤية الخيوط الحمراء وسط زرقة البحر
تجعل قلبه يقفز قفزا حزينا وكأنه
ويلقي نفسه بين قدميه مۏتا
رؤيتها هكذا تجعله ضعيف أمام نفسه وربما أمام الجميع وجهها الملائكي لا يستحق إرهاقه بكثرة البكاء قلبها الرقيق لا يستحق أن يحمل كم الحزن هذا هو يعلم أنه منذ أن ولج حياتها وقد انقلبت رأسا على عقب ولكن هو الآن يشعر بالاختلاف ناحيتها يشعر وكأن حديثه مع ليل في السابق سيصبح حقيقة
وقفت يسرى أمام والدتها
تهتف پغضب وحدة قد توصلت إليهم بسبب لا مبالاتها وقسۏتها على تلك الفتاة
حرام عليكي يا ماما بقى البنت والدتها مېته وأنت قاعدة تعايريها هو يعني كان بايدها حرام عليكي اعتبريها زيي
صاحت والدتها بحدة هي الأخرى غير مبالية بكلماتها في حق مروة والوقوف بجانبها وقد كان الحقد والاڼتقام يعمي عينيها
اخرسي يا بت أنت بت عيلة طوبار عمرها ما تبقى زيك دول عار ودي واحدة منهم هتتحاسب على كل اللي عملوه
كادت أن ترد عليها ابنتها مرة أخرى ولكن دخول يزيد أعاق كلماتها من الخروج وقد رسم على وجهه كل علامات الاستفهام
وقف أمامهم واضعا يديه في جيوب بنطاله أسود اللون ونظر إلى يسرى التي استمع حديثها مع والدته لينظر إليها باستغراب وتساءل بهدوء قائلا
ايه اللي سمعته ده ايه اللي حصل مع مروة
سريعا أجابته إيمان بنظرة لعوب ونبرة تحمل الجدية في ذات الوقت لتدافع عن والدة زوجها وتجعل من ارتكب الچريمة بأكملها هي مروة
ولا حاجه يا يزيد الموضوع كله أننا طلبنا من مراتك أنها تيجي تساعد
معانا في المطبخ علشان ضيوفك معجبهاش الحال ولما مرات عمي فهمتها أنها لازم تشتغل فكرت أنها كده بتهزقها وقامت معيطة وماشيه قال يعني بتهرب من الشغل
نظرت إليها يسرى بذهول فقد كانت تكذب بكل صدق! تجعلك تشعر وكأن حديثها ليس بعده حديث نظرت إلى والدتها وجدتها تبتسم بهدوء مستفز إنهم حقا لا يشعرون بكونهم بشړ مروة فتاة طيبة لا تستحق هذا
استفاقت على صوت يزيد الذي وجدته ينظر إليها وقد علمت أنه لا يصدقها قال بهدوء كما هو معتاد في حديثه
بس مروة من يوم ما جت وأنا بشوفها معاكم في المطبخ
تحدثت سريعا بصدق وجدية هي الأخرى مجيبة على كلماته وقد وجدت أن مروة لا تستحق منهم هذا فإذا صدق يزيد حديثهم ربما يحدث بينهم مشكلة وبالكاد هم يتحدثون
لا يا يزيد محصلش مروة كانت شغاله معانا عادي وماما هي اللي هزقتها بدون سبب وعايرتها بأمها المېته
لو كانت نظرات البشر ټحرق لوقعت في حريق وسط ڼار مشټعلة من نظرة والدتها إليها نظرت إليها بقسۏة شديدة ربما لو استطاعت ډفنها حية لفعلتها ولكن يسرى لم تبالي بها فقد اشفقت على حال مروة وما يحدث معها
اعتلت شفتي يزيد ابتسامة باردة وكأنه لا يبالي بما قالته شقيقته يظهر عليه هذا بوضوح ولكن ما قاله بجدية وحدة شديدة لوالدته و إيمان خالف جميع نظراته وتعابيره الذي تظهر بوضوح
مش معنى إن في بينا اتفاق يبقى انتوا تعملوا اللي انتوا عايزينه لأ أنا وافقت آه بس أنا اللي هكمله ولوحدي غير إن دي مراتي واللي يمسها يمسني وأظن الكل عارف زعلي عامل إزاي
تريث قليلا ثم أكمل حديثه موجهة إلى والدته
بلاش بلاش اللي بتعمليه كلنا عارفين أنها ملهاش ذنب في حاجه اعتبريها زي يسرى
ومن ثم استدار وخرج من المطبخ بدون أن يتحدث أو يضيف حرف آخر فقد كان يعلم ما تريد أن تفعله والدته هي بداخلها نيران تشتعل بسبب ما حدث في الماضي يعلم أن قلبها فتر صغيرا ولكن لما نحمل الغير ذنب ليس له علاقة به مروة بريئة فتاة نقية ولكن حظها العثر هو من جعلها من عائلة طوبار لتقع مع عائلته ومع براثنه الذي لا تهدأ لقد وقعت مع براثن اليزيد
لم تكن تظن أنه سيفعل هذا لأجلها لم تتخيل قط! خيب ظنها به للمرة الثانية هي اعتادت على بروده عجرفته قساوته المسيطرة على ملامحه لم تكن تتخيل أن يقف بجانبها هكذا وبهذه الطريقة لقد أنقذها في المرة الأولى عندما نادته بعينيها وها هي المرة الثانية يقف إلى جوارها أمام الجميع
سردت لها يسرى ما حدث بالحرف لتجعلها سعيدة بحديثه مع والدته ولكن لم يسيطر عليها سوى الاندهاش من فعلته تلك تتساءل لما فعلها وقد أتى إليها يطمئن قلبها من ناحية الجميع! يبث الأمان داخل روحها بوجوده ببعض الكلمات يحاول مداواة جرحها من حديث والدته الفظ لم تكن تظن أنه سيفعل كل ذلك لأجلها لم تكن تظن أيضا أنه سيذهب إليها بعدما حدث ل يطيب خاطرها
قبل ذلك الوقت
ولج إلى غرفته يبحث عنها
لم يجدها بغرفة الصالون ولا حتى بغرفة النوم ربما بالمرحاض ولكن أيضا لم تكن به وقف في منتصف الغرفة واضعا يده خلف رأسه وهو يدور بعينيه في كل إتجاه يفكر أين ذهبت وقد رأها تصعد للأعلى كاد أن يخرج من الغرفة ليبحث عنها ولكن قد استدعى انتباهه صوت شهقات مكتومة وبكاء خاڤت
وقع قلبه بين قدميه وهي ليست أمامه إذا أين هي توجه خلف الصوت الذي تتبعه ليعلم أين هي متواجدة وقد أخذته قدميه إلى شرفة غرفة نومهم وجدها تجلس خلف باب الشرفة على الأرضية الرخامية تعطي ظهرها إليه منحنية على نفسها في جلستها وهي تضم إلى صدرها صورة والدتها إليها وتبكي بشدة محاولة كتم صوت بكائها بيدها
قلبه
بات منكسرا من رؤية ملاكه هكذا تملكه الضعف مرة أخرى وباتت ملامحه حزينة للغاية يشعر وكأن قلبه ينقسم نصفين بسببها بسبب دموعها ومظهرها هذا
ذهب ليقف إلى جوارها ومن ثم جلس على عقبيه لينظر إليها بهدوء وحنان هذه المرة بينما هي رفعت نظرها إليه لترى نظرة داعمة منه رفعت كف يدها
لتزيل دموعها ولكنه كان الأسرع ل يمد يده إلى وجهها يزيل دموع عينيها برقة من أعلى وجنييها شددت هي بيدها على الصورة التي بين يديها في محاولة منها لمدارة الرعشة التي اعترتها وقد شعر هو برجفتها ليبتسم بهدوء
جلس أمامها واعتدل في جلسته ليواجهها أخذ نفس عميق ثم أخرجه مرة أخرى نظر إليها بهدوء والحنان يفيض من عينيه لا تدري كيف! ثم تحدث بهمس
ممكن متعيطيش كده تاني مبحبش أشوفك كده
اعترتها الصدمة من حديثه الغير متوقع! هل هذا هو يزيد الراجحي الذي كان يلقي أي حديث حتى وإن لم يكن يعرف معناه مؤكد استمعت إليه خطأ هو ليس بهذه الرقة
استمعت إليه يكمل باقي حديثه بعدما تنحنح وقال بجدية هذه المرة
أنا عارف أن أمي ضايقتك أنا آسف بالنيابة عنها بس هي ست كبيرة وده طبعها هي كده دايما أنا اتكلمت معاها ومش هضايقك تاني
تحدثت هذه المرة ولم تصمت ستتحدث من الآن وصاعدا يكفي ما مر ولم تجني منه شيء غير الحزن والقهر قالت له بصوت ضعيف من كثرة البكاء
لأ هي مش كده هي معايا أنا بس كده مع إيمان كويسه وزي الفل أنا بس اللي كده أنا من يوم ما جيت هنا ومعترضتش على أي حاجة هي عايزاها بس هي بتتعمد تعمل كده والله
نكس رأسه بحزن هو يعلم أن حديثها صحيح والدته تتعمد أن تفعل ما يزعجها رفع وجهه إليها مرة أخرى ينظر إلى عينيها التي تحمل خيوط حمراء مع لونها ثم تحدث بجدية قائلا
خلاص يا مروة أنا اتكلمت معاها وهي مش هتعملك حاجه تاني ولو عملت أنا هتصرف المهم أنا مش عايز أشوفك كده تاني ماشي
نظرت إليه باستغراب شديد لا تعلم ما هذا التحول الذي طرأ عليه دعمها بعينيه لتجيبه بالموافقة وهي تفكر في هذا التغير الشديد الذي ربما يصحبها